Friday, July 5, 2019

●فن من فنون الأعلام● الدكتور سامي السعود


■الرومنطيقية في الأدب العربي■
●مفهوم الرومنطيقية:
يعبِّرُ مصطلح الرومنطيقية في الأدب بشكلٍ عامّ عن المذهب الأدبيّ الذي يُولي اهتمامًا كبيرًا بالنفس الإنسانيّة وما تعجُّ به من مشاعر وعواطف وخيالات مهما كانت طبيعتها وطبيعة صاحب هذه النفس سواءً كان مؤمنًا أم غير ذلك، وأصل هذه الكلمة هي كلمة الرومانسية وهي مأخوذة من اللغة الإنجليزيّة من كلمة "romance" والتي تعني الرواية أو القصّة التي تحتوي على مغامرات وأحداث عاطفية خيالية بعيدة عن قيود الرغبة العقليّة الصِّرْفة، وفي هذا المقال سيتمُّ تسليط الضوء على تاريخ الرومنطيقية وعلى الرومنطيقية في الأدب العربي.
●تاريخ الرومنطيقية:
ظهرت المدرسة الرومنطيقيّة أو الرومانسيّة أو الرومانتيكيّة أول ظهور لها في أوروبّا، حيث كانت بداياته هناك بعد قرن ونصف من ظهور المدرسة الكلاسيكية، حيثُ نشأ المذهب الرومانسي في نهاية القرن الثامن عشر وتحديدًا في أوروبا الغربية، وركز هذا المذهب على العواطف والخيال للتحرر من أفكار المذهب الكلاسيكي والأعراف الاجتماعية القديمة، فقد جاءت هذه الحركة بعد عصر التنوير في أوروبّا وبالطبع استلهمت هذه الحركة معاييرَ الثورة وفترتها ضدَّ القيود والقوانين السياسيّة الأرستوقراطيّة والاجتماعيّة التي كانت سائدة قبل مرحلة التنوير، وعمدَت إلى التخلّص من سيطرة الآداب الإغريقيّة والرومانيةّ خاصّة أن أوروبا كانت في مرحلة دخولها في عصر النهضة في ذلك الوقت وبدأتْ تأخذُ استقلالها وتستحوذ على ملامحها المستقلّة في الأدب والفكر واللغة، ودخلت الحركة الرومانسية إلى الأدب العربي في مطلع القرن العشرين على شكل حركة نقدية نظرية وكان ذلك بفضل كتابين الأول صدر عام 1921م بعنوان "الديوان" للأديب عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني، والثاني صدر عام 1922م بعنوان "الغربال" للأديب ميخائيل نعيمة، وكان ذلك بداية نشوء الحركة الرومنطيقية في الأدب العربي.
●الرومنطيقية في الأدب العربي:
كما سبق فإنَّ ظهور الحركة الرومنطيقية في الأدب أو الرومانسية كانت في أوروبا ومنها انتقلت هذه الحركة إلى العالم العربي وخاصة في بداية القرن العشرين وازدياد الاحتكاك بين العالم العربي والدول الغربية الأوربية، وخلال فترة الاستعمار وتدفُّق الهجرات العربية إلى الغرب، وكان أول ظهور للمذهب الرومنطيقي على شكل حركة نقدية نظرية دخلت إلى عالم الأدب العربي عن طريق كتابين اثنين صدرا في العشرينيات من القرن العشرين، الكتاب الأول كان بعنوان "الديوان" للأديبين عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وصدر هذا الكتاب عام 1921م، أمَّا الكتاب الثاني فكان من تأليف الأديب ميخائيل نعيمة وهو بعنوان "الغربال" عام 1922م، وكان لهذين الكتابين الفضل في بثِّ روح هذه الحركة في الأدب العربي وشيوع الرومنطيقية في الأدب العربي فيما بعد، وقد شاعت الرومنطيقية في الأدب في العديد من أشكال الفنون الأدبية كالرواية والشعر والغناء الوجدانيّ.
وصُنِّفَت روايات إحسان عبد القدّوس وعبد الحليم عبد الله ويوسف السباعي على أنّها رومانسيّة، وكذلك بالنسبة للشعر فقد ظهرت الرومنطيقية في كثير من المدارس الأدبية التي تأسّست في القرن العشرين، ومن الشعر الرومنطيقي الشعر المهجري كالرابطة القلمية وشعر مدرسة أبولو ومدرسة الديوان وشعر أبي القاسم الشابي والسيّاب وأمل دنقل ومفدي زكريا وغيرهم. وقد تركت الحركة الرومنطيقيّة آثارًا واضحة وعميقة في الأدب العربيّ؛ بسبب الحاجة إلى التجديد والتي فرضت نفسها بشكل قوي على الحياة الفكرية والسياسية والأدبية في مرحلة ما بين الحربين العالميتين، ولأن المذهب الرومنطيقي شكل ملاذًا وحيدًا للأدباء يستطيعون من خلاله أن يعبروا عن كل ما يختلج في قلوبهم من أفكار وهواجس وخواطر لدفع ظلم الاستبداد والاستعمار والتطلع إلى الحرية وإلى عالم يسودُ فيه العدل والمساواة.
●خصائص الرومنطيقية في الأدب:
تميَّزت الحركة الرومنطيقية في الأدب العربي بالعديد من الخصائص التي ميزتها عن غيرها من الحركات والمدراس الأدبية، فكانت نقلة نوعية في تاريخ الأدب وانقلابًا على السائد والمألوف قبل تلك المرحلة، وبما أنهَّا امتداد للحركة الرومانسية في الأدب الغربي فقد تشابهت معها بالكثير من الخصائص، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر أهم خصائص الحركة الرومنطيقية في الأدب:
     ومنهااااااا
الخروج على سلطة العقل والميل إلى القلب بما يحملُه من مشاعر متأجّجة وعواطف جياشة واندفاع باتجاه الجمال والعفويّة والخروج على قيود المجتمع.
التمرّد على القوانين والقواعد والأنظمة الاجتماعيّة، والتغنّي بالحرية والمناداة ببناء عالم جديد يقوم على العدل والخير والحق والمساواة.
تَرْك الأساطير الإغريقيّة والرومانية والأساطير القديمة عمومًا، والأخذ من مَعين الدّين وما في الكتب المقدّسة من نماذج وقصص وشخصيات.
اللجوء إلى الطبيعة واتخاذها أساسًا في التصوير القصصيّ، فقد كشفَ الرومنطيقيّون الجمال والبهاء والعظمة الموجود في الطبيعة، فأقبلوا إليها واحتضنوها كأمٍ حنون.
حبّ الغربة والتغرب والهروب إلى عالم جديد وحب التَّرحال في أصقاع الدنيا واكتشاف الآفاق.
التركيز على شخصية المرأة وإعطائها منزلتها الحقيقية، وقاموا بإعادة الاعتبار الاجتماعي لها، مع اختلاف وجهات النظر إليها.
تميز الرومنطيقيون بالفكر الجريء العارف بالمفارقات والتناقضات والذي يميل إلى الحدس أكثر من التفكير الموضوعي والواعي.
السعي وراء التصوير والخيالات التي تتجاوز المألوف لتصل إلى درجة أحلام اليقظة والأوهام.
تميَّزت الرومنطيقية في الأدب العربي أيضًا بغَلَبةِ الحزن والكآبة والصراعات النفسيّة، وشيوع اليأس والدموع والشعور بتفاهة الحياة واقتراب الموت.
الحرص على الحريّة التامّة في التعبير والإبداع.
الخروج عن اللغة الكلاسيكية المتعالية، والتي تتميّز بالتصنّع والدقة والاختصار والوضوح، والنزول بالأدب إلى مستوى اللغات المحليّة المألوفة البسيطة.
●الأعلام الرومنطيقي في الأدب العربي:
سادت الحركة الرومنطيقية في الأدب العربي في بدايات القرن العشرين، وتركت آثارًا كبيرةً في الأدب العربي، وكان كثير من الأدباء قد تأثّروا بهذه المدرسة ونَهَجوا نهجَها وصاروا من أعلامها وروّادها، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر بعض من أهم أعلام المدرسة الرومنطيقية في الأدب العربي مع ذكر نبذة عن كل منهم:
جبران خليل جبران: من أعلام المدرسة الرومنطيقية في الأدب العربي ولد عام 1883م في لبنان وعاشَ حياته في الولايات المتحدة الأمريكيّة، درس فن التصوير ثمّ قصد باريس وتابع دراسة التصوير هناك، وعاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأسَّسَ فيها الرابطة القلميّة مع عددٍ من أصدقائه الأدباء، توفّي في مدينة نيويورك عام 1931م، من أشهرِ مؤلّفاته: الأرواح المتمرّدة، الأجنحة المتكسرة، العواصف، النبيّ، المجنون، رمل وزبد. [٤]
خليل مطران: يعدُّ الشاعر خليل مطران من أعلام المدرسة الرومنطيقية في الأدب العربي، شاعر كبير وهو من كبار الكتاب العرب، ولد في بعلبك في لبنان عام 1871م، وعاشَ في مصر فلقِّبَ بشاعر القُطْرَيْن، كان غزير العلوم في الأدب العربي والأدب الفرنسي، يوصف بأنه رقيق الطباع ودود القلب يميل إلى المسالمة دائمًا. توفّيَ في القاهرة عام 1949م.
علي محمود طه: شاعر مصري يعدّ من أعلام الرومنطيقية أيضًا، ولد في مدينة المنصورة عام 1902م، درس في مدرسة الفنون والصناعات وتخرّج مهندسًا معماريًّا بدرجة مساعد، كان كثير التنقل والسفر إلى أوروبا، مما أدى لفتح آفاق شعرية جديدة أمامه، توفّي عام 1949م.
أحمد زكي أبو شادي: شاعر وطبيب مصري، ولد عام 1892م درس الطب في إنجلترا وأتقن اللغة الإنجليزية، واطلع على الأدب الإنجليزي، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبقي فيها حتى وفاته، أسس مدرسة أبولو الشعرية والتي ضمت الأدباء الرومنطيقين العرب في العصر الحديث. توفّي عام 1955م.
عمر أبو ريشة: شاعر سوري ودبلوماسي، ولد عام 1910م، وكان عضوًا في مدرسة أبولو الشعرية الرومانسيّة، عمل سفيرًا لسوريا في الأرجنتين والبرازيل والسعودية توفي عام 1990م ودُفِنَ في سوريا، من دواوينه: بيت وبيتان، كاجوارد، في موسم الورد، سر السراب.
   
  {  م..... ن }
■استطلاع ومتابعة :
الإعلامي الدكتور
سامي السعود.

No comments:

Post a Comment

المنتدى الدولي للإبداع والإنسانية المملكة المغربية

An old poem   dying to life heart slows its beat blood rushes to head at every grasp of the loss asleep, awake, or in a dream state ears dea...