بقلم الدكتورة أمينة رضوان
إنّ كلمة المقاولة تأخذ معان كثيرة، و نحن لن نتحدث إلا عن المقاولة بمعناها الاجتماعي، لكونها المكان الذي يمارس فيه الأجير نشاطه العملي، و الملاحظ أن مفهوم المقاولة من الناحية الاجتماعية يعرف تطورا مستمرا، حيث تتناسل من خلاله عدة مفاهيم، الشيء الذي استدعى التفكير في إعطاء مفهوم جديد للمقاولة في القرن الحادي و العشرين، حيث تعتمد إنتاج منتوج و خدمات تستجيب للسوق، قصد خلق قيم للمساهمين فيها، و ذلك بمشاركة أجراء ينتجون، و هي تتفاوت بين مقاولة لشخص إلى العديد من الأشخاص، قد تقتصر على الوطن، و قد تعبر القارات لتصبح متعددة الجنسيات، فلا تقتصر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي بل تتعداه إلى الجانب الثقافي (1).
و المقاولة كخلية اقتصادية قد تعترضها صعوبات مالية تجعلها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتعاملين معها، كالفوضى في التمويل عندما تلجأ إلى قروض على مستوى قصير المدى و بنسبة فوائد مرتفعة، أو أن المقاولة تعاني مشاكل كالتسويق وضعف الاحتياط الذاتي، و أسباب أخرى داخلية ناتجة عن سوء التسيير، قد تؤثر سلبا على المقاولة كلّما ازدادت وضعيتها تفاقما، إلى أن تضع حدّا لها في سجل الحياة التجارية، وما يترتب عن ذلك من زعزعة الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي في ظل اقتصاد عالمي يخضع للمنافسة الشديدة، و لقواعد السوق الحرة (2).
وفي ظل ما بات يشهده العالم الآن من انتشار وباء كورونا تضررت مختلف القطاعات و الأنشطة بهذه الجائحة ومنها قطاع الشغل و التشغيل، حيث رفعت أقلام عدة باحثين من أجل مناصرة العمال وإبراز كيفية حصولهم على حقوقهم وتجنبيهم خطر البطالة في زمن الكورونا، و بالموازاة مع ذلك خلقت لجنة اليقظة الاقتصادية التي درست في اجتماعاتها وضعية الأجراء الذين تعرضوا للفصل أو التوقف من العمل بمنحهم تعويضات بحسب ما إذا كانوا منخرطين في نظام الضمان الاجتماعي أو مستفيدين من بطاقة المساعدة الطبية “راميد”.
و قد وقع اختياري على هذا الموضوع ، باعتبار أن “المشغل” الذي يشكل أحد طرفي العلاقة الشغلية لم يأخذ حقّه من اهتمامات الباحثين بالشكل الكافي، و هو المشغل الذي يدير مقاولة تعتبر قلب الاقتصاد الوطني، لأجله وقع اختياري على هذا الموضوع المتمثل في البحث عن أوجه حماية المقاولة في ظل جائحة كورونا وذلك من خلال التساؤل عن : ما هي الصلاحيات التي خوّلها المشرع للمشغل من أجل تدبير مقاولته أو مؤسسته الشغلية عامة و في زمن الأوبئة خاصة؟ و هل أفردت الدولة تدابير لحماية المقاولة أو المؤسسة الشغلية. و ذاك من خلال مطلبين كالآتي:
- المطلب الأول: الصلاحيات التي يتمتع بها المشغل لإدارة و تسيير مقاولته من خلال تشريع الشغل.
- المطلب الثاني: التدابير التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية لفائدة المقاولة في ظل جائحة كورونا.
المطلب الأول
الصلاحيات التي يتمتع بها المشغل لإدارة و تسيير مقاولته من خلال تشريع الشغل
إنّ جل القطاعات الاقتصادية تضرّرت جراء أزمة جائحة كورنا مع وجود اختلاف في درجات هذا الضرر، فهناك قطاعات توقفت نهائيا، وهناك أخرى فقدت نسبة مهمة من أرقام معاملاتها بسبب تقلص حجم نشاطها.
ولأجله كان لا بد أن يستفيد المشغل باعتباره أحد طرفي العلاقة الشغلية من المقتضيات القانونية التي تتيح له تدبير مقاولته في مثل هاته الأوضاع، و هي الصلاحيات التي نعالجها تباعا من خلال النقط التالية:
أولا: حق المشغّل في التقليص من ساعات العمل.
يكتسي تخفيض مدة العمل أو الزيادة فيها أهمية كبرى عند العمّال، إلا أن ظهور بعض الأزمات الاقتصادية جعل المشغلين يتخذون الاحتياطات الضرورية فيما يتعلق بالزيادة و النقصان من ساعات العمل، و من هنا يتدخل المشرع من خلال تشريع الشغل من أجل تنظيم مدة الشغل.
ومدة الشغل هي الفترة الزمنية التي يقضيها الأجير في الاشتغال داخل مقاولته أو مؤسسته الشغلية.
وتحدّد في النشاطات غير الفلاحية مدة الشغل العادية المقررة للأجراء في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع، و يمكن توزيع المدة السنوية الاجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشرة ساعات في اليوم، و تحدد مدة الشغل العادية في النشاطات الفلاحية في 2496 ساعة في السنة، و تجزّأ على فترات حسب متطلبات الضرورية للمزروعات وفق مدد يومية تتولى السلطة الحكومية المختصة تحديدها بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين و المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا (3).
لقد استجاب المشرع لتوصيات منظمة الشغل الدولية و سارع إلى وضع حد أقصى لمدة الشغل، و ذلك من خلال تقليصه لمدة الشغل من 48 ساعة إلى 44 ساعة في الأسبوع. و مع ذلك يبقى المشرع المغربي متخلّفا عن الرّكب لعدم مسايرته للتشريع المقارن، حيث نسجّل في هذا الصدد أن التشريع المصري حدّد الحد الأقصى لمدة الشغل في ثماني ساعات في اليوم، أمّا المشرع الفرنسي فحددها في ست ساعات قصوى في اليوم.
وفي هذا الصدد نناشد مشرعنا المغربي بتقليص الحد الأقصى لمدة الشغل إلى 40 ساعة في الأسبوع مسايرة للاتفاقية الدولية رقم 64 الصادرة عن منظمة العمل الدولية.
وكان ظهير 13 يوليوز 1926 الملغى يحدّد مدة الشغل في عشر ساعات في اليوم تتخلّلها راحة إجبارية لمدة ساعة، تلاه ظهير 18 يونيو 1936 الذي نظم مدة الشغل بالقطاع غير الفلاحي حيث كان يمنع على الأجراء الاشتغال أكثر من ثماني ساعات في اليوم و أربعة و عشرون ساعة في الأسبوع ، و بالنسبة للقطاع الفلاحي فقد كان يخضع لظهير 24 ماي 1973 التي كانت مدة الشغل فيه محددة على أساس السنة لا اليوم أو الشهر في حدود 1700 ساعة.
والمشرع المغربي سعيا منه لموافقة تشريعه للتشريعات الدولية خفّض من مدة الشغل، و نذكر في هذا الصدد القانون المقارن الفرنسي الذي نقص من ساعات العمل الأسبوعية إلى خمسة و ثلاثون ساعة إبّان حكومة ليونيل جوسبان في نهاية التسعينات.
وفي إطار إمكانية المرونة المتاحة للمشغل في تنظيم مدة الشغل بمقاولته بما يتناسب و بعض الظروف التي تمر منها مؤسسته الشغلية، فقد خوله المشرع إمكانية تقليص مدة الشغل، وذلك عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة للمقاولة أو وقوع ظروف طارئة خارجة عن إرادة المشغل و لفترة متصلة أو منفصلة لا تتجاوز ستين يوما في السنة (4) .
و هذه المكنة المتاحة للمشغل مشروطة باستشارة مندوبي الأجراء و الممثّلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل أسبوع على الأقل من تاريخ الشروع في تقليص مدة الشغل و أن يزوّدهم في نفس الوقت بكل المعلومات حول الاجراءات المزمع اتخاذها والآثار التي يمكن أن تترتب عنها هذا بالنسبة للمقاولات التي تشغل اعتياديا عشرة أجراء أو اكثر، و تحل لجنة المقاولة محل مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين في المقاولات التي يزيد فيها عدد الأجراء عن خمسين أجيرا.(5)
وإنّ مغادرة الأجير العمل بسبب تقليص ساعات الشغل بدون احترام الشكليات المتطلبة من طرف المشغل لا يعتبر مغادرة تلقائية منه . و نسوق في ذلك القرار الصادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض عدد 1066الصادر بتاريخ 30 أبريل 2015 في الملف الاجتماعي عدد 258/5/1/2015 الذي ورد فيه ” ولمّا ثبت من خلال وثائق الملف ومستنداته وكذا البحث المنجز ابتدائيا أن الطاعنة لم تبلغ مندوبي الأجراء اعتزامها تقليـص مـدة الشغـل العاديـة قبل أسبـوع من الشروع في التقليـص ولم تزودهم بكـل المعلومـات حول الإجـراءات المزمع اتخـاذها والآثار التي يمكن أن تترتب عنها، والثابت كذلك أن الطاعنة لم تحصل على إذن من عامل العمالة رغم تجاوز مدة التقليص ستين يوما المنصوص عليها بالمادة 186 أعلاه حسب تصريح ممثل الطاعنة بجلسة البحث المنجز ابتدائيا والذي جاء فيه أن مدة التقليص كانت منذ أبريل إلى متم شهر غشت وهو ما يعد مخالفة لمقتضيات المادتين 185 و 186 من مدونة الشغل، والمحكمة كانت على صواب لما اعتبرته كذلك وطبقت المقتضيات القانونية الواجبة تطبيقا سليما والوسيلة لا سند لها. ومن جهة ثانية، حيث إنه وأمام ثبوت عدم احترام الطاعنة للمقتضيات أعلاه، فإن الأجير لا يمكنه القبول بالعمل وفق ما تحدده الطاعنة من ساعات من تلقاء نفسها، وأن لجوءه إلى مفتش الشغل ثم إلى المحكمة فيما بعد لا يمكن اعتباره مغارة تلقائية للعمل أمام تقليص ساعات العمل بدون احترام للشكليات المتطلبة ومحكمة الاستئناف لما لم تستجب لطلب إجراء بحث جديد تكون قد ردته ضمنيا مادام أنه قد ثبت لديها أن الطاعنة قد قامت بخفض ساعات العمل دون احترام للمقتضيات القانونية الواجبة، مما يبقى معه القرار المطعون فيه معللا تعليلا سليما والوسيلة لا سند لها” ( 6).
و بالنسبة للأجر فإنه يؤدّى عن مدة الشغل الفعلية على ألاّ يقل في جميع الحالات عن خمسون في المائة من الأجر العادي ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء (7)
و نسجّل هنا أن مدونة الشغل منحت للمشغل المرونة الكافية في تدبير مدة الشغل حسب حاجيات المقاولة، و هي ضمانة تعكس الموازنة الاقتصادية لأعمدة الاقتصاد الوطني، تكمن في أداء الأجر عن الشغل الفعلي فقط دون أن يقل طبعا عن الأجر عن خمسون في المائة من الأجر العادي، بخلاف ما كان عليه الأمر في ظهير 18 يونيو 1936 الملغى الذي كان يمنع خفض الأجر رغم تقليص مدة الشغل مقرّا بذلك أن المدة المنتقصة تشكّل راحة إضافية للأجير و هو ما كان يزكيه القضاء معتبرا أن طرد الأجير من عمله يشكل طردا تعسفيا أوطردا تعسفيا مقنّعا باعتباره يشكل إخلالا بأهم عنصر في عقد العمل وهو الأجر، لأن التقليص من ساعات العمل لا يمكن أن يؤدي إلى تخفيض الأجرة.
بقي أن نشير إلى أنه لا يترتب أي تخفيض من الأجر عند تقليص مدة الشغل في القطاعات غير الفلاحية من 2496 الى 2288 ساعة، و في القطاع الفلاحي من 2700 الى 2496 ساعة في السنة (8)
ثانيا: حق المشغل في توزيع مدة الشغل.
يمكن للمشغل من أجل الوقاية من الأزمات الدورية العابرة و بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم توزيع المدة السنوية الاجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز هذه المدة عشر ساعات في اليوم (9 ) ، ولا يترتب عن هذا الاجراء أي تخفض من الأجر الشهري (10)
ثالثا: حق المشغل في تشغيل أجرائه بالتناوب و بالتعاقب.
أجاز المشرع اعتماد هذا النمط من الشغل بالنسبة للمقاولات التي تحتّم عليها أسباب تقنية ذلك.
ويراد بالشغل بالتناوب “الطريقة التي ينظم بها الشغل بحيث يتسنى للمؤسسة أن تبقى مفتوحة في جميع أيام الأسبوع من غير أن تتجاوز مدة شغل كل أجير الحد الأقصى القانوني لمدة الشغل”.
ويراد بالشغل بالتعاقب “الطريقة التي ينظم بها الشغل، بحيث تؤدّيه فرق شغل تتعاقب الواحدة تلو الأخرى على أساس أن الأجراء لا يقضون جميعا فترة راحتهم في وقت واحد خلال نفس اليوم” (11)
ويمنع في حالة تنظيم الشغل بين فرق متتابعة أن تتجاوز المدة المقررة لكل فرقة ثماني ساعات في اليوم، و ينبغي أن تكون هذه المدة متّصلة مع التوقف لفترة استراحة لا تتعدى الساعة ( 12)
أما بالنسبة للتشريعات المقارنة، فإن جلّها لم ينتبه إلى تبنّي نمط التناوب والتعاقب وإنما اكتفت بتنظيم استمرارية العمل دون أخذ فترة الراحة كلما استدعت الضرورة ذلك، طبقا لظروف العمل وللتراخيص الإدارية. إلا أن المشرع التونسي صرح بالمادة 86 على إمكانية العمل بفرق متعاقبة نظرا لظروف العمل. مما يجعل من موقف المدونة في هذا الإطار غاية من الأهمية لما تخلق من توازن جيد يراعي تطلعات المقاولة من جهة، ويخدم راحة الأجير من جهة ثانية. غير أن خزينة المشرع الفرنسي على سبيل المثال حافلة بجملة من أنماط العمل تماشيا مع متطلبات المقاولة ( 13).
رابعا: حق المشغل في تشغيل تمديد مدة الشغل.
ويكون ذلك في حالات هي التالية:
الحالة الأولى: في حالة توقف الشغل جماعيا في مؤسسة أو في جزء منها لأسباب عارضة أو لقوة قاهرة، يمكن للمشغل تمديد فترة الشغل اليومية لاستدراك ساعات الشغل الضائعة بعد استشارة مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، إلا أنه يمنع في كافة الأحوال العمل لأكثر من 30 يوما في السنة لاستدراك الساعات الضائعة، أو أن تفوق مدة التمديد ساعة في اليوم، أو أن تفوق مدة الشغل اليومية 10 ساعات (14).
الحالة الثانية: إذا كان الشغل الذي يؤديه أجراء في مؤسسة ما شغلا متقطعا أصلا أو عندما تقتضي الضرورة تأدية أشغال تحضيرية أو تكميلية لا غنى عنها للنشاط العام للمؤسسة، مع استحالة إنجازها في حدود مدة الشغل العادية يمكن للمشغل تمديد فترة شغل الأجراء المخصّصين لتنفيذ تلك الأشغال إلى ما بعد المدة العادية على ألا تتجاوز الفترة الممدّدة اثنتي عشرة ساعة في اليوم كحد أقصى (15).
الحالة الثالثة: إذا تطلب الأمر القيام في المقاولة بأشغال مستعجلة تقتضي الضرورة إنجازها فورا من أجل اتّقاء أخطار وشيكة أو تنظيم تدابير نجدة أو إصلاح ما تلف من معدات المقاولة أو تجهيزاتها أو بناياتها أو لتفادي فساد بعض المواد جاز تمديد مدة الشغل العادية بالاستمرار في الشغل طيلة يوم واحد ثم تمديدها بساعتين خلال الأيام الثلاثة التي تلي ذلك اليوم (16)
وتجدر الاشارة هنا أن الاستثناءات المتعلقة بتجاوز مدة الشغل تنحصر في الأجراء الذين يفوق سنهم ثماني عشرة سنة، غير أنه يمكن أن تقرر استثناءات أخرى تطبّق على الأحداث البالغين ستة عشرة سنة، بالنسبة للأجراء الأحداث المشتغلين بالمصلحة الطبية و قاعة الرضاعة و غيرها من المصالح المحدثة لفائدة أجراء المؤسسة و عائلاتهم و المشتغلين بالمخازن و مراقبي الخصور و سعاة المكاتب و منظفي أماكن الشغل وغيرهم من الأعوان ( 17)
ويؤدى الأجر في حالة تمديد فترة الشغل عن الساعات التي تقضى في الشغل بسعر الأجر المؤدى عن مدة الشغل العادية، إلا إذا تم إعطاء الأجير في مقابلها راحة تعويضية أو إذا كانت تلك الساعات:
– مقررة لإعطاء الأجير مهلة لتناول وجبة طعامه إذا كان وقت الطعام يتخلل وقت الشغل،
– معدة بحكم طبيعة الشغل المتقطّعة بحيث تطابق ساعات حضور لا ساعات شغل فعلي، و ذلك إذا تخللت ساعات الشغل فترات استراحة طويلة خصوصا الشغل الذي يؤدّيه البوابون في البنايات المعدة للسكن و المراقبون و الحراس و المشتغلون في المقاولة بإطفاء الحريق أو بتوزيع البنزين و المشتغلون بالمصلحة الطبية للمقاولة (18)
خامسا: حق المشغل في تشغيل أجرائه في الساعات الاضافية.
تعتبر في حكم ساعات الشغل الاضافية “كل ساعة شغل تنجز خلال الأسبوع خارج أوقات الشغل بالنسبة للأجير الذي لم يشتغل الأسبوع بكامله إما بسبب فصله من الشغل أو استقالته أو استفادته من العطلة السنوية المؤدة عنها أو تعرضه لحادثة شغل أو لمرض مهني أو استفادته من يوم عيد مؤدى عنه الأجر أو من يوم عطلة” (19)
وبهذا تعتبر ساعات إضافية ساعات الشغل التي تتجاوز مدة الشغل المقررة عادة لشغل الأجير (20)
وتعتبر في حكم ساعات الشغل الاضافية بالنسبة للمقاولات التي تقسم فيها 2288 ساعة شغل تقسيما غير متساو خلال السنة، ساعات الشغل التي تتجاوز يوميا عشر ساعات و تحتسب ابتداء منها، و تعتبر في حكم ساعات الشغل الاضافية، ساعات الشغل التي تنجز سنويا ابتداء من الساعة 2289 و تحسب ابتداء منها ( 21)
وهذه مكنة خولها المشرع لأصحاب المقاولات التي تواجه أشغالا تقتضيها مصلحة وطنية أو زيادة استثنائية في حجم الشغل، شرط أن يدفعوا لأجرائهم تعويضا عن هذه الساعات (22)
ويؤدى التعويض عن الساعات الاضافية دفعة واحدة مع الأجر المستحق (23)
ويحتسب التعويض عن الساعات الاضافية على أساس الأجر و توابعه باستثناء التعويضات العائلية و الحلوان إلا فيما يتعلق بالأجراء الذين يتكون أجرهم من الحلوان فحسب و المبالغ المستردة تغطية لمصاريف أو لنفقات سبق أن تحملها الأجير بسبب شغله (24) .
وبالنسبة لطريقة أداء التعويض عن الساعات الاضافية فإنها تؤدى للأجير كيفما كانت طريقة أداء أجره بزيادة نسبتها 25 في المائة عن الساعات الاضافية إذا قضاها فيما بين السادسة صباحا و التاسعة ليلا في النشاطات غير الفلاحية، و فيما بين الخامسة صباحا و الثامنة ليلا في النشاطات الفلاحية، و 50 في المائة إذا قضاها فيما بين التاسعة ليلا و السادسة صباحا في النشاطات غير الفلاحية، و فيما بين الثامنة ليلا و الخامسة صباحا في النشاطات الفلاحية. و ترفع هذه الزيادة على التوالي بالنسبة للفترتين إلى 50 في المائة و إلى 100 في المائة إذا قضى الأجير الساعات الاضافية في اليوم المخصص لراحته الأسبوعية، حتى لو عوّضت له فترة الراحة الأسبوعية براحة تعويضية ( 25).
وتجدر الإشارة في هذا المقام أن رفض الأجير الاشتغال في ساعات إضافية لمدة تتجاوز الحد الأقصى المسموح به قانونا لا يشكل خطأ من طرفه يبرر فسخ عقد الشغل، باعتبار أن الالتزام بأوقات العمل من قبل الأجير يكون في حدود ما يقرره القانون. و هذا ما قررته الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض المغربية في قرار لها عدد 186 بتاريخ 20 فبراير 2008 في الملف عدد 481/5/1/2007 الذي جاء فيه ” لكن من جهة ثانية فإن تغيب المطلوب عن العمل بسبب رفضه العمل خلال الساعات الاضافية عن مدة تتجاوز الحد الأقصى المسموح به قانونا يعتبر مبررا، ذلك أن الالتزام بأوقات العمل من قبل الأجير يجب أن يكون في حدود الساعات التي يحددها القانون خاصة و أن المادة 184 من مدونة الشغل حددت مدة الشغل العاجية في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع و أن توزيع هذه المدة ممكن حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم مما كان معه القرار معللا والوسيلتان لا سند لهم”(26)
وبالنسبة للقانون المقارن، نجد المشرع المصري يسمح بتبني الساعات الإضافية لمواجهة ضرورات العمل غير العادي أو الظروف الاستثنائية مع احترام المساطر الإدارية المتعلقة بهذا الشأن شريطة ألاّ تزيد ساعات العمل الفعلية عن 10 ساعات في اليوم. و نفس المنحى يسير عليه كل من المشرع الجزائري و الليبي والتونسي الذين أجازوا إمكانية اللجوء للساعات الإضافية استجابة لضرورة مطلقة في الخدمة تقتضي الحصول على تراخيص من السلطات المختصة كممثلي العمال أو إعلام مفتش الشغل بذلك. وكل ذلك وفق مدد قصوى لا يتعين تجاوزها، حددها المشرع الأول في 12 ساعة يومية والثاني في 4 ساعات في اليوم بينما اشترط المشرع الثالث عدم تجاوز مدة العمل الأسبوعية ل 60 ساعة . وبخصوص المشرع الفرنسي فإلى جانب سنّه لظروف العمل الإضافي يخول للمفاوضات أو للاتفاقيات الجماعية مهمة اللجوء إليها، مما قد يفسح المجال لتوسيع نطاق الساعات الإضافية تبعا لتعويضات هامة تخص الأجر الإضافي والراحة التعويضية ، مراعيا بذلك محيط المقاولة وحماية المصالح المتعارضة بداخلها خلافا للتشريع العربي عموما والذي يشكو من نقص تغطية المناخ العام للساعات الإضافية دون الغوص في تنظيم التفاصيل مما يرتب وجود ثغرات تشريعية ( 27).
سادسا: حق المشغل في تشغيل الأجراء لوقت جزئي.
لم تنص مدونة الشغل على تبنّي هذه التقنية التي تسمح للمشغل تدبير العمل لوقت جزئي، وهذا لا يخدم مصالح المشغل في علاقته بأطراف العلاقة الشغلية، بخلاف المشرع الفرنسي الذي ينص على إبرام عقد الشغل لمدة معينة أو غير معينة قصد العمل لوقت جزئي.
يمارس العمل لوقت جزئي بانتظام خلال بعض الساعات اليومية أو الأسبوعية لفترة تقل نوعا ما عن مدة الشغل العادية، بواسطة عقد قانوني يقبل بموجبه الأجير العمل لفترة أقل من الفترة العادية مقابل استحقاق أجر يقل نسبيا عن الأجر المعتاد. وغالبا ما يفضل المشغل اعتماد هذا النمط من العمل لأنه يوفر مرونة واسعة في سير المقاولة، نظرا لما قد يشهده الاحتياج إلى الإجراء من انخفاض أو ارتفاع على مدار اليوم أو الأسبوع ( 28).
سابعا: تدبير المشغل العطلة السنوية المؤدى عنها.
يستحق كل أجير قضى ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل عطلة سنوية مؤدى عنها ، تحدّد مدّتها بيوم و نصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، و يومان من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل فيما يتعلق بالأجراء الذين لا يتجاوز سنهم الثامنة عشرة، ما لم يتضمن عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي أو العرف مقتضيات أكثر فائدة بالنسبة للأجراء (29) و يضاف إلى مدّة العطلة السنوية المؤدى عنها يوم و نصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل فترة شغل كاملة مدتها خمس سنوات متصلة أو غير متّصلة على ألا تؤدّي هذه الاضافة إلى رفع مجموع مدة العطلة إلى أزيد من ثلاثين يوما من أيام الشغل الفعلي (30)
ويمكن للأجير الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها خلال أية فترة من فترات السنة (31).
والسؤال الذي يطرح هو: هل يمكن أن يتصرف المشغل في تدبير العطلة السنوية بما يوافق ما يمرّ منه العالم الآن في ظل جائحة كورونا؟
في هذه الحالة مكّن المشرع تخويل المشغل تحديد تواريخ العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم و يتم تحديد تواريخ مغادرة الأجراء لشغلهم قصد قضاء عطلهم السنوية المؤدى عنها بعد استشارة المعنيين بالأمر ، مع مراعاة الحالة العائلية للأجراء و مدد الأقدمية في المقاولة. و عند حصول اتفاق مع المعنيين بالأمر إما تقديم تواريخ مغادتهم قصد قضاء عطلهم السنوية المؤدى عنها و في هذه الحالة يجب على المشغل أن يقوم قبل مغادرة الأجير بتصحيح الملصق و السجل الخاص بالعطل، و إما تأخير تواريخ المغادرة و في هذه الحالة يجب على المشغل أن يقوم في أجل أقصاه اليوم الذي كان مقررا في البداية لمغادرة الأجير لشغله قصد قضاء عطلته السنوية المؤدى عنها بإدخال ما يلزم من تغيير على الملصق أو السجل، و يقوم بعد ذلك المشغل بإشعار العون المكلف بتفتيش الشغل بالتغيير بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل (32).
وبهذا فالمشرع خوّل للمشغل مكنة تدبير العطلة السنوية المؤدى عنه بالنسبة لأجرائه بما يظهر من مستجدات و يتوافق و حالة المقاولة الاقتصادية.
ويمكن تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها أو الجمع بين أجزاء من مددها على مدى سنتين متتاليتين إذا تم ذلك باتفاق بين الأجير و المشغل، و تتم الاشارة إلى ذلك في سجل العطل السنوية المؤدّى عنها (33).
ونسجّل في هذا الصدد اعتماد المشرع المغربي على مدة منخفضة قياسا ببعض التشريعات المقارنة كالفرنسي الذي يشترط تجزئة العطلة من 12 إلى 24 يوما بموافقة طرفي عقد الشغل، وعلى أساس استحقاق أيام إضافية أيضا قد تصل إلى 2 يومين عن كل 6 أيام زد على ذلك إقراره لمجموعة من البنود الحمائية للطبقة الشغلية الخاضعة للتنظيم الاستثنائي وخاصة منهم الأحداث الذين يمنع عنهم ضم أو تجزئة العطلة السنوية. كما أنّ بعض التشريعات العربية تجيز تجزئة وضم العطلة السنوية على مدار مدد مختلفة لا تتعدى سنتين، كالمشرع الليبي الذي يسمح بتجزئة أو تأجيل الإجازة للسنة الموالية فيما زاد على ستة أيام تبعا لمدد منخفضة لا يقيدها الحد الأقصى ( 34) .
ثامنا: تخويل المشغل تشغيل أجرائه عن بعد بالمنازل.
يعتبر أجراء مشتغلين بمنازلهم من توفر فيهم الشرطان التاليين:
1/ أن يعهد إليهم بصفة مباشرة أو بواسطة الغير بأن يؤدّوا لقاء أجر شغلا لحساب مقاولة واحدة أو عدة مقاولات من المقاولات المحددة في المادة الاولى من مدونة الشغل،
2/ أن يشتغلوا إما فرادى و إما بمعية مساعد واحد أو أزواجهم أو أبنائهم غير المأجورين.
وعند توفر هذين الشرطين فإنه لا يكون هناك داع للبحث عن وجود أو انتفاء علاقة تبعية قانونية تربطهم بمشغلهم، و لا عن كونهم يشتغلون أو لا يشتغلون مباشرة و اعتياديا تحت إشرافهم، و لا عن كون المحل الذي يعملون فيه و المعدات التي يستعملونها ملكا لهم أو لا، و لا عن كونهم يقدمون إلى جانب شغلهم كلا او بعضا من المواد الأولية التي يشتغلون بها إذا كانوا يشترون تلك المواد من مستنجز شغل ثم يبيعونه الشيء المصنوع او يتسلمونها من مورد يعينه لهم مستنجز الشغل و يفرض عليهم التزود منه، و لا عن كونهم يحصلون بأنفسهم على المواد الاضافية او لا يحصلون. (35)
وبهذا نسجّل أن تشريع الشغل أتاح للمشغل مكنة تشغيل الأجراء بالمنازل ، وهي إمكانية تبرز إيجابياتها أكثر وقت الأزمات و الأوبئة من قبل وباء كورونا كوفيد 19 مثلا و ما تقتضيه حالة الحظر الصحي.
المطلب الثاني
التدابير التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية لفائدة المقاولة
خلق تفشي و اتشار فيروس كورونا كوفيد 19 ذعرا كبيرا و هلعا و خوفا منقطع النظير لم تشهد البشرية منذ سنين ليست بالقصيرة. لهذا انخرطت جميع مؤسسات الدولة من أجل الوصول إلى وضع تدابير لحماية المقاولة. وحسب المعطيات الإحصائية المتوفرة، فقد جرى التصريح في البوابة الإلكترونية المحدثة لهذا الغرض من طرف وزير التشغيل أن 131955 ألف مقاولة تضررت من جائحة كورونا، وهو ما يُقارب نسبة 61 في المائة من إجمالي المقاولات المنخرطة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. أما عدد الأجراء المتوقفين مؤقتا عن العمل المصرح بهم، فقد بلغ 808199 أجيرا، بمعدل 31 في المائة، أي إن مقاولتين من أصل ثلاث مقاولات صرحت بتضررها من تداعيات أزمة كورونا، بينما تفيد التصريحات بأن واحدا من أصل ثلاث أجراء متوقف مؤقتا عن عمله، و منذ تفشي الأزمة كانت هناك حملات مهمة على المستوى الوطني همّت عددا كبيرا من المقاولات توّجت بخلق لجان إقليمية مشتركة مع مصالح وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وتم تحديد برامج لزيارة أماكن العمل من طرف هذه اللجان المشتركة ، ثم إلى تشكيل لجان تشتغل على زيارة المقاولات للوقوف على مدى احترام شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل، تتكون من ممثلي السلطات المحلية وممثلي وزارات الشغل والإدماج المهني والصحة والصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي وممثلي وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في المناطق الفلاحية ومناطق الصيد البحري، والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، وتقوم بالوقوف في أماكن العمل على مدى احترام الإجراءات الاحترازية وشروط الصحة والسلامة مع رفع تقارير يومية عن ذلك. وقد تم بالفعل إصدار قرارات بإغلاق العديد من الوحدات الإنتاجية، كما عقدت اجتماعات مع المديرين الجهويين بجهات المملكة الاثني عشر بتقنية visio-conférence في إطار التحول الرقمي الذي باشرته الوزارة وكذا في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد بفعل تفشي وباء كورونا وفي ظل حالة الطوارئ الصحية، وذلك من أجل تتبع سير تنزيل التدابير الاحترازية والوقائية المتخذة للتصدي لتفشي “كوفيد 19” عموما وبأماكن العمل على وجه الخصوص، وايضا لتدارس الإجراءات الاستعجالية التي تفرضها مستجدات وضعية انتشار الوباء بالمغرب، كما تم إعطاء التعليمات قصد مضاعفة جهود لجنة اليقظة المحدثة على المستوى المركزي، وتشكيل لجان يقظة جهوية وإقليمية. ( 36)
وقد شرعت لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) في عقد اجتماعها الثاني يوم الخميس 19 مارس 2020 بمقر وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حيث اتخذت تدابير لفائدة المقاولات الأكثر تضررا من الأزمة، وأيضا لتحديد مجموعة تدابير على المستوى الجبائي. وبذلك تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لفائدة المقاولات التي ستظل سارية المفعول حتى نهاية يونيو 2020.
وتتجلى هاته التدابير و الاجراءات في: اتخاذ تدابير لفائدة المقاولات والمقاولات المتوسطة والصغرى والمقاولات المتوسطة والصغيرة جدا والمهن الحرة التي تواجه صعوبات وتفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان CCG. أما التدابير الضريبية فتتجلى في إعطاء مكنة للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك، و تعليق المراقبة الضريبية والاشعار لغير الحائز (ATD) حتى 30 يونيو 2020 (37)
وفي إطار المجهودات المبذولة لتنزيل التدابير المتخذة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية والتي تهدف إلى تخفيف أثار الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا ودواعيها على المقاولات، قامت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، يوم الخميس 26 مارس 2020، بإحداث آلية جديدة للضمان على مستوى صندوق الضمان المركزي، تحت اسم “ضمان أكسجين”.
ويهدف هذا المنتوج الجديد إلى تمكين المقاولات التي عرفت خزينتها تدهورا بسبب انخفاض نشاطها، الحصول على موارد استثنائية للتمويل. ويغطي “ضمان أكسجين” 95 في المئة من مبلغ القرض، مما يمكن الأبناك من مد المقاولات بقروض استثنائية لتمويل احتياجات أموال الدوران، في ظرف وجيز.
وتغطي هده التمويلات البنكية التي تنضاف إلى القروض الأخرى المتاحة، إلى حدود ثلاث أشهر من المصاريف الجارية والمتعلقة على وجه الخصوص بالأجور، وواجب الكراء وتسديد أثمنة المشتريات الضرورية إلى غير ذلك، ويمكن لهذه التمويلات البنكية أن تصل إلى 20 مليون درهم.
وتغطي هده التمويلات البنكية التي تنضاف إلى القروض الأخرى المتاحة، إلى حدود ثلاث أشهر من المصاريف الجارية والمتعلقة على وجه الخصوص بالأجور، وواجب الكراء وتسديد أثمنة المشتريات الضرورية إلى غير ذلك، ويمكن لهذه التمويلات البنكية أن تصل إلى 20 مليون درهم.
وبالنسبة للمقاولات التي لا تتوفر على خطوط تمويل على المدى القصير، فإن القرض الاستثنائي يمكن أن يصل إلى 5 ملايين درهم.
وستستفيد من هذه الآلية الجديدة للضمان، المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغرى جدا التي لا يتعدى رقم معاملاتها 200 مليون درهم. وبالموازاة مع ذلك، فإن المقاولات التي يتراوح رقم معاملاتها ما بين 200 و500 مليون درهم، يمكنها الاستفادة من هذا التسهيل.
وحتى تتمكن الأبناك من الإسراع في معالجة طلبات المقاولات للحصول على التمويل، قام صندوق الضمان المركزي بإعطاء تفويض لمؤسسات القروض قصد استعمال ضمانه لجميع القروض التي يقل مبلغها 2 مليون درهم. وبفضل هذه الآلية التي تتضمن التزام قوي من طرف الدولة لفائدة المقاولات، أصبحت الأبناك تتوفر ابتداء من الآن على دعم سيادي لتمكينهم من مواصلة وتقوية مواكبتهم للمقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وقد ناقشت لجنة اليقظة الاقتصادية في اجتماعها بتاريخ 14 أبريل 2020 تداعيات جائحة فيروس كورونا “كوفيد -19” وآثارها على المقاولات الصغرى والمتوسطة التي أصبحت تواجه عدة إكراهات ترتب عنها عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها الضريبية المتعلقة بالإدلاء بالإقرارات وأداء الواجبات المستحقة المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. وبذلك تم اتخاذ تدبير يسمح بصفة استثنائية للأشخاص الذاتيين الراغبين في ذلك، إمكانية تأجيل من 30 أبريل إلى غاية 30 يونيو 2020، أجل الإدلاء بالإقرارات المتعلقة بمجموع الدخل الخاضع للضريبة المنصوص عليها في المادة 82 من المدونة العامة للضرائب وكذلك أجل أداء المبالغ المستحقة المرتبطة بها، بالنسبة لأصحاب الدخول المهنية الخاضعة لنظام النتيجة الصافية الحقيقية أو نظام النتيجة الصافية المبسطة وبالنسبة لأصحاب الدخول الفلاحية (38) .
كما تم إحداث صندوق الضمان المركزي الذي يطلق عليه “ضمان المقاولين الذاتيين كوفيد 19″، و يأتي ذلك في إطار المجهودات المبذولة لتنزيل سلسلة التدابير الجديدة المتخذة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية، في اجتماعها ليوم الإثنين 20 أبريل 2020، والتي تهدف إلى تخفيف آثار الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد 19 على المقاولات، حيث عمل صندوق الضمان المركزي على إحداث آلية ضمان للقروض البنكية الممنوحة للمقاولين الذاتيين تحمل اسم “ضمان المقاولين الذاتيين كوفيد 19”. والمقاولون الذاتيون المستفيدون من هذا الصندوق هم المقاولون الذاتيون الذين لم يسبق لهم الاستفادة من “ضمان أكسجين” والمستوفون لشروط هي: أن يكونوا منخرطين في نظام المقاول الذاتي، ألاّ يكونوا في وضعية التخلف عن السداد ، أن يكونوا قد قاموا بإيداع إقراراتهم الضريبية منذ أقل من سنة إلى غاية 30 ابريل 2020 كحد أقصى.
أما بخصوص القروض القابلة للضمان فتتمثل في القروض التي تمنحها البنوك للمقاولين الذاتيين المؤهلين والتي تستجيب للشروط التالية:
- الغرض: تغطية النفقات الضرورية التي لا يمكن تأجيلها.
- المبلغ: ما يعادل ثلاثة أشهر من رقم المعاملات المصرح به في آخر إقرار ضريبي مع سقف محدد في 15.000 درهم.
- المدة: 3 سنوات بما في ذلك سنة واحدة كمؤجل الاسترداد ؛
وتتمثل تكلفة الضمان في مائة درهم دون احتساب الرسوم و تكمن حصة الضمان في 85 في المائة من أصل القرض.
وفي الختام نسجّل أن تشريع الشغل كان مرنا في قواعده لمّا أتاح للمشغل صلاحية تدبير فترات الشغل بما يوافق المصلحة العليا للمقاولة ، من خلال إيراده على مدد الشغل العادية استثناءات كثيرة تسمح للمشغل بالسير قدما في سبيل تحسين أداء مقاولته إبّان فترات الأزمات التي تصادفها مؤسسته، كما أن التدابير الاستباقية التي اتخذت من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية لحماية المقاولة يبرز مكانة هذه الأخيرة داخل المنظومة الاقتصادية ، و يتجلّى ذلك واقعيا في مجموعة إجراءات اتخذت للنهوض بوضعية المقاولات في ظل جائحة الكورونا(39) .
الهوامش
- ذ. محمد سعيد بناني- قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل / علاقات الشغل الفردية – ج.1- ط 3- يناير 2005 – ص 9.
- ذ. عبد العالي العضراوي – صعوبات المقاولة بين النظرية و التطبيق – ج.1- المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية – الرباط – ط 1998 – ص 44 و ما يليها.
- المادة 184 من م .ش.
- الفقرة الثانية من المادة 185 من م. ش.
- المادة 186 من م. ش.
- http://socialmaroc.net/glossary/%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%B5-%D9%85%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%BA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%AF%D9%85-%D8%AA%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%BA-%D9%85%D9%86/
- الفقرة الثالثة من المادة 185 من م. ش.
- الفقرة الأخيرة من المادة 184 من م . ش
- الفقرة الأولى من المادة 185 من م . ش.
- الفقرة الثانية من المادة 185 من م . ش.
- المادة 187 من م . ش.
- المادة 188 من م . ش.
- ذة. والدهبي إيمان – مدة الشغل بين مدونة الشغل و القانون المقارن – رسالة لنيل دبلوم الماستر في الفانون الخاص – جامعة المولى إسماعيل/ كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية بمكناس. https://www.droitetentreprise.com/?p=1789#_ftn31
- المادة 189 من م . ش.
- المادة 190 من م . ش.
- المادة 192 من م . ش.
- المادة 191 من م . ش.
- المادة 193 من م . ش.
- المادة 200 من م . ش.
- الفقرة الثانية من المادة 197 من م. ش.
- المادة 199 من م. ش.
- المادة 196 من م. ش.
- المادة 198 من م.ش.
- المادة 202 من م. ش.
- المادة 201 من م . ش.
- قرار منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى/ نشرة متخصصة – سل 1 – س 2009 – ص 189.
- ذة. والدهبي إيمان – مرجع سابق.
- ذة. والدهبي إيمان – مرجع سابق.
- المادة 231 من م.ش.
- المادة 232 من م.ش.
- المادة244 من م. ش.
- المادة 245 من م. ش.
- المادة 240 من م. ش.
- ذة. والدهبي إيمان – مرجع سابق.
- المادة الثامنة من م. ش.
- https://www.travail.gov.ma
- أنظر : https://ahdath.info/562524
- https://platform.almanhal.com/Files/2/36005
- https://www.finances.gov.ma/ar/Pages/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%A9.aspx?fiche=4992صندوق الضمان المركزي يطلق “ضمان المقاولين الذاتيين كوفيد 19” : 30/04/2020
No comments:
Post a Comment