Tuesday, February 11, 2020

ياثلجُ ........انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ
بقلم مرام عطية
                                       
ما أبهاكَ رسولاً للسَّلامِ  !
حين خرجتُ إلى مدرستي النائيةِ لأزرعَ النُّورَ في عقولِ الناشئةِ ،كنتَ مثلي تخيطُ بمهارةٍ للأرضِ ثوباً أبيضَ ناصعاً ،توشِّيهِ بحباتِ البرتقالِ الناضجةِ ،و تعطرهُ برائحةِ الصنوبرِ و الياسمين، وهي تتهللُ فرحاً بينابيعها الرقراقة ، وترسلُ شلالاتِ جداولها لريِّ الزروعِ العطشى الممتدةِ لأقاليمَ بعيدةٍ ، بينما حقولها الخصبةُ تضفِّرُ شعركَ الطويلَ بشرائطَ خضراءَ و بنفسجيةٍ على أطرافِ الوادي الحبيبِ ، فتغري براعمَ الطفولةِ بضمِّ كراتكَ المائيةِ و صنعِ ألعابٍ وتماثيلَ خياليةً ترضي بها طموحها الوثابَ وأحلامها الورديةَ
وها أنا أعودُ من عملي الشاقِّ و أنت لم تنتهِ من تصميمِ وشاحٍ بهيٍّ لمليكةِ الطبيعةِ
ياللدهشةِ ! أراكَ قد جهَّزتَ لي عرباتكِ الطافحةَ بالزمردِ والياقوتِ لتقلني إلى منزلي باطمئنانٍ  و حبورٍ .
سقاكَ الله الجمالَ - ياثلجَ المحبة - لاتنسَ نشيدي ، انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ، وبذورُ رحمةٍ على المسكونةِ كلِّها
في صدري أمواجُ حبٍّ لاتهدأُ، و أوجاعٌ لأبناءِ وطني عن مقلتيَّ لا تغيبُ ،امزجها مع أمواهكَ النقيةِ ، و انثرها مع حكاياتكِ الليلكيةِ لتصيرَ ترتيلةً مقدسةً في كنائسِ الأرضِ وأبراجِ السماءِ :
كاد الزمهريرُ يصفِّدُ عشبَ ضلوعنا ، و أوشكَ الصقيعُ يصطادُ أسماكَ فكرنا ، جفَّت مراجلُ كرمِنا الأصيلةُ ، اتحدتْ مع رياحٍ خماسينيةٍ لم تعرفها أطالسُ الجغرافيا ولا سمعتْ بها أذنٌ بشريةٌ في عصرِ الاتصالاتِ والإنترنت
يالونَ الرحمةِ ، دقَّ - بأناملِ طفلٍ يرتجفُ برداً، وبصوتِ عجوزٍ بعثرتْ أبناءهُ الحربُ ،وبوجهِ امرأةٍ فقدتْ من يعيلُ أبناءها ، وبعيني أنثى تحلمُ بدفءِ الأمومةِ الضائعةِ منذُ أمدٍ - دقَّ  أبوابَ الملوكِ والأمراءِ ، و لاتنسَ أن تطرقَ أبوابَ رؤوسِ أموالِ النفطِ والغازِ  بفؤاد أبٍ سرقتْ الحربُ قوتَ أبنائهِ و منزلهم ، عساكَ توقظُ ضمائرَ التجارِ الطامعين بعرق الفلاحين وقوتِ الفقراءِ ، فيعودُ الأبُ لمنزلٍ دافئٍ حاملاً لأبنائهِ حفنةً من زبيبِ الكرامةِ و بضعَ حباتٍ من كستناء الإنسانيةِ اللذيذةِ يحلمُ بها كانونهُ الشتويُّ المتهالكُ من سنينٍ  .
_____________
مرام عطية

No comments:

Post a Comment

المنتدى الدولي للإبداع والإنسانية المملكة المغربية

An old poem   dying to life heart slows its beat blood rushes to head at every grasp of the loss asleep, awake, or in a dream state ears dea...