الجَرّة
عبداللّه عبّاس خضيّر
(1)
كنّا نظنّكَ آخِر الدّنيا
وبعدَك يبدأ المجهولُ
غيلانٌ خنازيرٌ ، أسودٌ
همسُ أشباحٍ
ومن يعبرْ نخيلَكَ موهناً ،
لا بدّ ، تخطفْهُ السّعالي ،
في الصّباحِ نجُسّ مغتبطينَ جذعَ النّخلِ
لا قدمٌ لسَعلاةٍ ،
تطيرُ فواختٌ ،
أمٌّ تصيحُ ،
قناطرُ الماشينَ يجرُفُها صعودُ المدِّ
يصعدُ جدّنا عندَ الضّحى الملساءَ ،
تلك النّخلةَ الملساءَ، هُزَّ عذوقَها
هي هَزّة أو هَزّتانِ ، تساقطتْ رُطباً ،
تساقطنا نُثاراً بعدَ ذاك الصيفِ ،
والبستانُ يعبرُنا إلى موتٍ ،
ونعبره ، إلى المجهول ، لا ندري ،
حدودُ الأرض تُوصَدُ
في نهايته
وكان الحتفُ منتظراً خطانا
لو تجرّأ بعضُنا أن يعبرَ البستانْ
(2)
منذ عبرْنا البستانْ
كان الحدّ الفاصلَ
بين حدود الدنيا
وحدود الفرح الراكضِ
في أقدام الصبيانْ
عائلةُ البستانِ تشظّتْ
في الطّرق الموبوءةِ والوديانْ
والنخلُ تناثرَ أشلاءً ،
شاخ الصِّبيَةُ ، والتفّتْ
بإزار الدمعِ النسوانْ
غاب الناعورُ عن الشطِّ
وعاثتْ بالتمر الغربانْ
عائلةالبستان اليومَ
بلا وجهٍ أو عنوانْ
(3)
سأغلقُ البابَ
يا قلبي وأقفلهُ
فمن تلومُ
ومن يا قلبُ
تسألهُ
اليومَ
تطفيء ُتاريخًا
بأكملهِ
فقدمضى
من هو التاريخُ
أكملُهُ
واليوم َتبكي
من الأيام أجملَها
فلن يزورَك
من ماضيكَ
أجملُهُ
تقولُ علّ عسى
لكنّها رحلتْ
ماذا تقولُ
وماذا أنت فاعلُهُ
لنا مسيرةُ عمرٍ
كيف تختمُها
أهكذا
أين ذاك الوجدُ
والولَهُ
ما كان يعرفُ قلبٌ
كنتَ تطفؤهُ
بأنّك اليومَ
حدَّ الوهجِ
تشعلُهُ
وما درى
أنّ ترحالَ الهوى
وجَعٌ
وآخرُ الدّربِ قتّالٌ
وأوّلُهُ
لملم جراحَكَ
وارتقها على مضضٍ
فبين جنبيكَ جُرحٌ
رحتَ تحملُهُ
قلبٌ
إذا مرّتِ الذكرى تؤرّقه ،
بمن بعد تَرحالٍ
تعلّلُهُ
تمشي الجراحُ بنا
والدّربُ يَنزِفنا
وليس من مُعشبٍ
في الدّرب ننزلُهُ
ريح بنا استذئبت
لا ظلّ يُلجؤنا
إن ضمّنا
من سوادِ الليلِ
كلكلُهُ
حادي القوافل
أعمى والسُّرى عَثَرٌ
نجثو على الصّخرِ
إعياءً ونركلُهُ
يسيرُ بي ليس يدري
والأسى جملي
بدمع مقلتيَ الحرّى
أجللّهُ
الدّهر يقتلنا
في كلّ منعطفٍ
ونحن بالعشق
والأشعارِ نقتلُهُ
وراحلٌ والهوى العذريّ
راحلتي
كم بدّلوا
غيرَ أني لا أبدّلُهُ...
(4)
هي من طينةِ القرى
وإليها حنينُها
جَرّةٌ قد تفتتْ
للقرى عادَ طينُها
مثلَ زُجاج آخِرِ الحاناتِ
في آخِرِ ليلٍ حينما يشتبكُ السّكارى
والمهرّجاتُ يخلعنَ وجوهَ الليلِ والأصباغَ،
قد تفتتْ في يدِكَ الأيامْ
وقبلَ أن تكرعَ من آخِرِ كأسٍ ، قبلَ أن تنامْ ،
في حضنِها بغيرِ ميعادٍ مع الصّباحِ ،
قبلَ أن تهبطَ في بوّابةِ الظّلامْ
آخِ رمالَ الدّرب ِ، آخِ النّملَ والهَوَامْ ...
هي من طينةِ القُرى
وإليها حنينُها
جَرّةٌ قد تفتتْ
للقُرى عادَ طينُها
••••••••••••••••••
عبداللّه عبّاس خضيّر
(1)
كنّا نظنّكَ آخِر الدّنيا
وبعدَك يبدأ المجهولُ
غيلانٌ خنازيرٌ ، أسودٌ
همسُ أشباحٍ
ومن يعبرْ نخيلَكَ موهناً ،
لا بدّ ، تخطفْهُ السّعالي ،
في الصّباحِ نجُسّ مغتبطينَ جذعَ النّخلِ
لا قدمٌ لسَعلاةٍ ،
تطيرُ فواختٌ ،
أمٌّ تصيحُ ،
قناطرُ الماشينَ يجرُفُها صعودُ المدِّ
يصعدُ جدّنا عندَ الضّحى الملساءَ ،
تلك النّخلةَ الملساءَ، هُزَّ عذوقَها
هي هَزّة أو هَزّتانِ ، تساقطتْ رُطباً ،
تساقطنا نُثاراً بعدَ ذاك الصيفِ ،
والبستانُ يعبرُنا إلى موتٍ ،
ونعبره ، إلى المجهول ، لا ندري ،
حدودُ الأرض تُوصَدُ
في نهايته
وكان الحتفُ منتظراً خطانا
لو تجرّأ بعضُنا أن يعبرَ البستانْ
(2)
منذ عبرْنا البستانْ
كان الحدّ الفاصلَ
بين حدود الدنيا
وحدود الفرح الراكضِ
في أقدام الصبيانْ
عائلةُ البستانِ تشظّتْ
في الطّرق الموبوءةِ والوديانْ
والنخلُ تناثرَ أشلاءً ،
شاخ الصِّبيَةُ ، والتفّتْ
بإزار الدمعِ النسوانْ
غاب الناعورُ عن الشطِّ
وعاثتْ بالتمر الغربانْ
عائلةالبستان اليومَ
بلا وجهٍ أو عنوانْ
(3)
سأغلقُ البابَ
يا قلبي وأقفلهُ
فمن تلومُ
ومن يا قلبُ
تسألهُ
اليومَ
تطفيء ُتاريخًا
بأكملهِ
فقدمضى
من هو التاريخُ
أكملُهُ
واليوم َتبكي
من الأيام أجملَها
فلن يزورَك
من ماضيكَ
أجملُهُ
تقولُ علّ عسى
لكنّها رحلتْ
ماذا تقولُ
وماذا أنت فاعلُهُ
لنا مسيرةُ عمرٍ
كيف تختمُها
أهكذا
أين ذاك الوجدُ
والولَهُ
ما كان يعرفُ قلبٌ
كنتَ تطفؤهُ
بأنّك اليومَ
حدَّ الوهجِ
تشعلُهُ
وما درى
أنّ ترحالَ الهوى
وجَعٌ
وآخرُ الدّربِ قتّالٌ
وأوّلُهُ
لملم جراحَكَ
وارتقها على مضضٍ
فبين جنبيكَ جُرحٌ
رحتَ تحملُهُ
قلبٌ
إذا مرّتِ الذكرى تؤرّقه ،
بمن بعد تَرحالٍ
تعلّلُهُ
تمشي الجراحُ بنا
والدّربُ يَنزِفنا
وليس من مُعشبٍ
في الدّرب ننزلُهُ
ريح بنا استذئبت
لا ظلّ يُلجؤنا
إن ضمّنا
من سوادِ الليلِ
كلكلُهُ
حادي القوافل
أعمى والسُّرى عَثَرٌ
نجثو على الصّخرِ
إعياءً ونركلُهُ
يسيرُ بي ليس يدري
والأسى جملي
بدمع مقلتيَ الحرّى
أجللّهُ
الدّهر يقتلنا
في كلّ منعطفٍ
ونحن بالعشق
والأشعارِ نقتلُهُ
وراحلٌ والهوى العذريّ
راحلتي
كم بدّلوا
غيرَ أني لا أبدّلُهُ...
(4)
هي من طينةِ القرى
وإليها حنينُها
جَرّةٌ قد تفتتْ
للقرى عادَ طينُها
مثلَ زُجاج آخِرِ الحاناتِ
في آخِرِ ليلٍ حينما يشتبكُ السّكارى
والمهرّجاتُ يخلعنَ وجوهَ الليلِ والأصباغَ،
قد تفتتْ في يدِكَ الأيامْ
وقبلَ أن تكرعَ من آخِرِ كأسٍ ، قبلَ أن تنامْ ،
في حضنِها بغيرِ ميعادٍ مع الصّباحِ ،
قبلَ أن تهبطَ في بوّابةِ الظّلامْ
آخِ رمالَ الدّرب ِ، آخِ النّملَ والهَوَامْ ...
هي من طينةِ القُرى
وإليها حنينُها
جَرّةٌ قد تفتتْ
للقُرى عادَ طينُها
••••••••••••••••••
No comments:
Post a Comment